تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
انتظر، أيها القارئ، كيلا يسمعنا المحامي أترسون. فلقد مر المسكين بيومٍ من أسوأ أيام حياته، لكنه ليس أسوأها على الإطلاق، ليس بعد… ها هو يجلس منهارًا على مكتبه، وهو يتأمل المظروف الممهور بتوقيع صديقه لانيون، لانيون الذي عاد لتوه من جنازته. شعر أترسون بالخوف وهو يتأمل ذلك المظروف الذي يحتوي على السرّ الرهيب.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن أحداث السلسلة
مرحبًا بك أيها القارئ! المعذرة، لقد تأخرت مجددًا، فقد استغرق تحضير المعطف والقبعة المميزة والعدسة المكبرة وبقية الأغراض التي اتفقنا عليها بعض الوقت. أرى أنك مستعدٌ أيضًا. ممتاز! فاليوم يجب أن «نعيش الجو» تمامًا. هل انتهيت من قراءة الرسالة التي جاءتك منذ قليل؟ حان وقت أن تطلب مني أن أقرأها لك ثانيةً بصوتٍ عالٍ إذن! تمامًا كما يطلب شيرلوك هولمز دائمًا من صديقه واطسن أن يقرأ له الرسائل ومقالات الجرائد ثانيةً بصوتٍ عال، بعد أن يفرغ هو من قراءتها. يبدو من الرسالة أنّ أحدهم قد كلّفنا بمهمةٍ خاصة: أن نعرف سبب تفوق شيرلوك هولمز على جميع زملائه من نجوم أدب الجريمة، واحتفاظه بشعبيته الساحقة عبر السنوات الطويلة، حتى أصبح رمزًا للمحققين في الثقافة الشعبية حول العالم. هممم… لن تكون مهمتنا سهلة! لو كان شيرلوك هنا لقال إنها قضيةٌ تتطلب ثلاثة غلايين على الأقل، فهولمز يقيس صعوبة القضية بعدد المرات التي يملأ فيها غليونه ليدخن عند التفكير في حلّها، لكنني لست من هواة التبغ ولا أطيق رائحته. هممم، إنها قضية ربع كيلوغرام من اللب الأسمر وثمن كيلوغرام من اللب الأبيض إذن!
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
لكن لماذا لا تريد أن تأتي معي في رحلة بحرية جديدة، أيها القارئ؟ نعم، أنا أعلم أن رحلاتنا البحرية السابقة لم تكن سهلة، لكنني أعدك أن المتمردين لن يخطفونا ليلقوا بنا على شاطئ مهجور مثلما حدث في قصة طرزان، وأننا لن نشهد كارثةً محققةً مثلما حدث في رحلتنا لاستكشاف ما واجهته تايتانيك. بل إننا سنذهب إلى سويسرا القرن التاسع عشر، حيث الجبال الشاهقة، والطبيعة الخلابة، إنه عرض لا تستطيع رفضه! كنت أعلم أنك ستأتي في النهاية، لكننا أضعنا الكثير من الوقت في الكلام. لا بدّ أنّ البحارة على سفينة المستكشف والتون قد أنقذوا فيكتور فرانكنشتاين بالفعل. لكننا لن ننتظر حتى يتعافى ويبدأ في قصّ حكايته، بل سنعود بالزمن إلى الوراء لنشهد القصة بأنفسنا.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
فارسٌ مغوارٌ يمتطي حصانه ليواجه طواحين الهواء، مشهدٌ أيقونيٌّ عابرٌ للثقافات أبدعه خيال الأديب الإسبانيّ «ميغيل دي سيرڤانتِس» في روايته «دون كيخوتي» قبل أكثر من 400 عام، وهي روايةٌ غير عادية تحكي عن حياة رجل غير عاديّ.
ها هو بطلنا، النبيل «كيخانا»، مستغرقٌ كعادته في قراءة إحدى قصص الفروسية التي كرّس حياته لقراءتها، وبلغ به الهوس بها أن باع بعض أجود أراضيه ليشتري المزيد منها. أدمن “كيخانا» قصص الفرسان الشّجعان الذين يجوبون الأرض بحثًا عن المغامرات، ويقضون أيامهم في مواجهة التنانين والعمالقة والسحرة، ويمضون لياليهم في التفكير في محبوباتهم القاسيات وسط حبكات درامية غير معقولة، في جوّ شبيه جدًّا بقصص المكتبة الخضراء التي كنا نقرأها في صغرنا. ومع مرور الوقت، اعتاد كلّ هذه الـ«أڤورة»، ففسد ذوقه، وأصبح يجد بلاغةً غير عادية في عبارات قصصه الرديئة، مثل: «إنّ علة علة العقل التي أصابت عقلي أضعفت عقلي حتى شكوت -لعلة- من جمالك»، فكان يقضي الليالي الطويلة يحاول فهمها واستخلاص عظيم المعاني منها، رغم أنّ «أرسطو نفسه لم يكن ليفهم معناها لو بعث من جديد لهذا الغرض وحده» كما يخبرنا الكاتب، الذي يخبرنا أيضًا:
❞اندمج كيخانا في كتبه تمامًا، فكان يقضي الليلة من الغروب إلى الشروق، وأيامه من الفجر إلى الغسق منكبًّا على قراءتها، ومع قلة نومه وكثرة قراءته، جفّ دماغه تمامًا، حتى أصابه الجنون ❝
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
آه، ها قد وصلت أخيرًا، أيها القارئ، لماذا تأخرت؟ لقد سبقتك إلى الدخول إلى القصة. لن نستطيع أن ندخل هذه الغرفة المحصنة بالقضبان، فدوريان غراي يمنع دخول أي شخص سواه إليها كيلا يكشف أحد سره. لا، إنه لا يخفي كنزًا داخلها، بل يخفي صورة. أي صورة؟ صورة البورتريه طبعًا! أراك محتارًا. لا بأس إذن! لنعد إلى بداية القصة معًا.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
بعد كل ما مررنا به من أهوالٍ في دهاليز الأوبرا وبين جدران قلعة الكونت دراكيولا، أظن أن الوقت قد حان كي نستنشق بعض الهواء النقي وأن نسترخي قليلًا. وجدتها! رحلةٌ بحرية! ما رأيك إذن أن نرافق اللورد غرايستوك وعروسه على متن هذه السفينة المتجهة إلى إفريقيا؟ هواءٌ منعش، بحرٌ شاسع.. ألم أخبرك؟ لكن يبدو أن التوتر بين القبطان ورجاله في ازديادٍ مستمر.. تمردٌ على السفينة.. قُتِلَ القبطان! لحسن الحظ، قرر زعيم التمرد ألا يقتل اللورد وزوجته، وأن يرمي بهما على ساحلٍ مهجورٍ. لقد وعدهما بالطبع أنه سيُخطر السلطات عن مكانهما كي تأتيهما النجدة، لكننا نعرف -كما يعرف اللورد- جيدًا أنه لا ينوي أن يفعل ذلك.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
مرحبًا بك في تدوينتي عن الكونت الشهير، افتح المقال على مسؤوليتك الخاصة، اقرأ كما يحلو لك، واخرج بكل حرية، ولا تنس أن تترك بعضًا من السرور الذي يدخله القارئ على قلب المُدوِّن قبل رحيلك!
ظلت «دراكيولا» على قائمتي للكتب المؤثرة التي يجب قراءتها لوقتٍ طويل، وقد قرأتها بغير حماس كبير، فأنا لم أكن أحب جَوَّ مصاصي الدماء والمذؤوبين وكلّ هؤلاء الأفاضل (إلا في عالم د. أحمد خالد توفيق رحمه الله)، لكنها جاءت أفضل من توقعاتي بكثير.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
كثيرًا ما مررتُ على إشاراتٍ لشبح الأوبرا في أعمال أدبية وفنية متنوعة خلال طفولتي ومراهقتي، وظلّت على قائمة الانتظار طويلًا إلى أن قررت أن أقرأها أخيرًا -دون حماس كبير- عام 2013. وأنا سعيدة أنني فعلت! فلقد سحرتني القصة تمامًا. والقصة -إن كنت لم تخمن بعد- تتحدث عن شبح مزعوم ما، وتدور في الأوبرا!