تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات عن القصة ونهايتها
اليوم سنقف أمام البحر من جديد. لكننا لن نشقّ مياه الأطلنطيّ متخفين على متن تايتانيك. لن نبحر شمالًا بحثًا عن وحش فرانكنشتاين. لن نقف مع أسرة طرزان المذعورة على ساحلٍ الأدغال الإفريقية الموحش لنتأمل السفينة المبتعدة. نعم، اليوم سنقف أمام البحر من جديد. ولكنّ شاطئ الأبيض المتوسط سيكون حدّنا.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
انتظر، أيها القارئ، كيلا يسمعنا المحامي أترسون. فلقد مر المسكين بيومٍ من أسوأ أيام حياته، لكنه ليس أسوأها على الإطلاق، ليس بعد… ها هو يجلس منهارًا على مكتبه، وهو يتأمل المظروف الممهور بتوقيع صديقه لانيون، لانيون الذي عاد لتوه من جنازته. شعر أترسون بالخوف وهو يتأمل ذلك المظروف الذي يحتوي على السرّ الرهيب.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن أحداث السلسلة ونهايتها
مرحبًا بك أيها القارئ، أراك قد عدت كي نواصل تحقيقنا حول شيرلوك هولمز وجلبت الـ«لب» كما اتفقنا. في الجزء الأول، ناقشنا الجزء العملي من حياته، وعلمنا أنه رجلٌ يجهل الجانب العاطفيّ غير العقلاني من التجربة الإنسانية، لكن هل هذا صحيح؟ وماذا عن صداقته بواطسن؟ ولماذا لا يلتحق بالقوات الرسمية؟ وكيف انتهت السلسلة؟ وما الذي جعلها تتفوق على قصص أدب الجريمة الأخرى؟
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن أحداث السلسلة
مرحبًا بك أيها القارئ! المعذرة، لقد تأخرت مجددًا، فقد استغرق تحضير المعطف والقبعة المميزة والعدسة المكبرة وبقية الأغراض التي اتفقنا عليها بعض الوقت. أرى أنك مستعدٌ أيضًا. ممتاز! فاليوم يجب أن «نعيش الجو» تمامًا. هل انتهيت من قراءة الرسالة التي جاءتك منذ قليل؟ حان وقت أن تطلب مني أن أقرأها لك ثانيةً بصوتٍ عالٍ إذن! تمامًا كما يطلب شيرلوك هولمز دائمًا من صديقه واطسن أن يقرأ له الرسائل ومقالات الجرائد ثانيةً بصوتٍ عال، بعد أن يفرغ هو من قراءتها. يبدو من الرسالة أنّ أحدهم قد كلّفنا بمهمةٍ خاصة: أن نعرف سبب تفوق شيرلوك هولمز على جميع زملائه من نجوم أدب الجريمة، واحتفاظه بشعبيته الساحقة عبر السنوات الطويلة، حتى أصبح رمزًا للمحققين في الثقافة الشعبية حول العالم. هممم… لن تكون مهمتنا سهلة! لو كان شيرلوك هنا لقال إنها قضيةٌ تتطلب ثلاثة غلايين على الأقل، فهولمز يقيس صعوبة القضية بعدد المرات التي يملأ فيها غليونه ليدخن عند التفكير في حلّها، لكنني لست من هواة التبغ ولا أطيق رائحته. هممم، إنها قضية ربع كيلوغرام من اللب الأسمر وثمن كيلوغرام من اللب الأبيض إذن!
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
مرحبًا بك أيها القارئ! لقد تأخرت عليك كثيرًا هذه المرة أيضًا، وأنا أعتذر! لقد كنت منشغلةً تمامًا إلى حدّ الانسحاق في الـ… لكن ما بك أيها القارئ؟ لماذا تبدو مهمومًا هكذا؟ ماذا؟! تقول إن رجلًا ذا نفوذ خدعك؟ لا تقلق إذن! فأنا أعرف إلى أين يجب أن نذهب.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
استيقظ أيها القارئ! بسرعة! نعم، نعم، أنا أعرف أنّك كنت تتمنى لو تترك وشأنك لليلةٍ واحدةٍ فقط تنام فيها ملء جفنيك نومًا متصلًا لذيذًا، فهذا هو بالضبط ما تمناه النائب الشاب الذي تهاوى من الإرهاق على فراشه فغرق في نومٍ عميقٍ قبل أن تكتمل الأمنية في ذهنه حتى. لكنّك تعرف جيدًا أن الجريمة لن تنتظرنا حتى نستيقظ، فقد أصيب أحدهم بطلقٍ ناريٍّ. ها هو النائب ينهض من فراشه بمعجزةٍ ليحاول استقصاء الأمر.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
لكن لماذا لا تريد أن تأتي معي في رحلة بحرية جديدة، أيها القارئ؟ نعم، أنا أعلم أن رحلاتنا البحرية السابقة لم تكن سهلة، لكنني أعدك أن المتمردين لن يخطفونا ليلقوا بنا على شاطئ مهجور مثلما حدث في قصة طرزان، وأننا لن نشهد كارثةً محققةً مثلما حدث في رحلتنا لاستكشاف ما واجهته تايتانيك. بل إننا سنذهب إلى سويسرا القرن التاسع عشر، حيث الجبال الشاهقة، والطبيعة الخلابة، إنه عرض لا تستطيع رفضه! كنت أعلم أنك ستأتي في النهاية، لكننا أضعنا الكثير من الوقت في الكلام. لا بدّ أنّ البحارة على سفينة المستكشف والتون قد أنقذوا فيكتور فرانكنشتاين بالفعل. لكننا لن ننتظر حتى يتعافى ويبدأ في قصّ حكايته، بل سنعود بالزمن إلى الوراء لنشهد القصة بأنفسنا.
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
مروج خضراء على مرمى البصر تحت سماءٍ زرقاء صافيةٍ لا تشوبها شائبة، لا أثر لطريقٍ مرصوفٍ، أو عربات… لا شيء سوى محيطٍ واسعٍ من الخضرة. هل تشعر بكلّ ذلك الهدوء والسلام؟ لست وحدك، فالملازم جون دنبار أيضًا قد وقع في حبّ ذلك المكان البريّ الجميل. كان قد فقد كلّ رغبةٍ في الحياة، لكن زملاءه وقادته ظنّوا أنّ محاولاته المستميتة للانتحار في ساحة المعركة شجاعة نادرة. وعندما ظنّ أنّ دقائق معدودةً تفصله عن الموت أخيرًا فترك لجام حصانه ورفع ذراعيه مستسلمًا، ظنّ زملاؤه أنّه يشجعهم فاستأسدوا في المعركة وانتصروا، وأعلنوه بطلًا بعدها!
أرى أنك لا تحبّ الأمطار الصيفيّة والحرّ الخانق، لكنّها طبيعة المغامرات الاستوائية، ولن يكون الجوّ مشكلتنا الوحيدة اليوم على أيّ حال! نحن الآن في مدينة ملكّا أو ملقّا الماليزية بأدغالها الكثيفة ومرفئها الشهير، وهي خالية من مظاهر الحداثة المميّزة لها الآن، لأننا في عام 1893. لنسرع قبل أن يفوتنا مشهد البداية! أين منزل عائلة «پان»؟ ها هو!
تحذير: هذا المقال يحتوي على معلومات مفصلة عن القصة ونهايتها
فارسٌ مغوارٌ يمتطي حصانه ليواجه طواحين الهواء، مشهدٌ أيقونيٌّ عابرٌ للثقافات أبدعه خيال الأديب الإسبانيّ «ميغيل دي سيرڤانتِس» في روايته «دون كيخوتي» قبل أكثر من 400 عام، وهي روايةٌ غير عادية تحكي عن حياة رجل غير عاديّ.
ها هو بطلنا، النبيل «كيخانا»، مستغرقٌ كعادته في قراءة إحدى قصص الفروسية التي كرّس حياته لقراءتها، وبلغ به الهوس بها أن باع بعض أجود أراضيه ليشتري المزيد منها. أدمن “كيخانا» قصص الفرسان الشّجعان الذين يجوبون الأرض بحثًا عن المغامرات، ويقضون أيامهم في مواجهة التنانين والعمالقة والسحرة، ويمضون لياليهم في التفكير في محبوباتهم القاسيات وسط حبكات درامية غير معقولة، في جوّ شبيه جدًّا بقصص المكتبة الخضراء التي كنا نقرأها في صغرنا. ومع مرور الوقت، اعتاد كلّ هذه الـ«أڤورة»، ففسد ذوقه، وأصبح يجد بلاغةً غير عادية في عبارات قصصه الرديئة، مثل: «إنّ علة علة العقل التي أصابت عقلي أضعفت عقلي حتى شكوت -لعلة- من جمالك»، فكان يقضي الليالي الطويلة يحاول فهمها واستخلاص عظيم المعاني منها، رغم أنّ «أرسطو نفسه لم يكن ليفهم معناها لو بعث من جديد لهذا الغرض وحده» كما يخبرنا الكاتب، الذي يخبرنا أيضًا:
❞اندمج كيخانا في كتبه تمامًا، فكان يقضي الليلة من الغروب إلى الشروق، وأيامه من الفجر إلى الغسق منكبًّا على قراءتها، ومع قلة نومه وكثرة قراءته، جفّ دماغه تمامًا، حتى أصابه الجنون ❝